تقدّر اللجنة الدولية للصليب الأحمر طبقًا لتقرير إخباري للأمم المتحدة أن نحو 346 مليون شخص في إفريقيا يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مما يعني أن ربع سكان القارّة ليس لديه ما يكفي من الطعام. ويعود ذلك في الأساس إلى النزاعات، كما كانت الظواهر المناخية المتطرفة، من العوامل المهمة لانعدام الأمن الغذائي في البلدان الأفريقية، مما يهدد حياة الملايين بانتشار الجوع والفقر.
هذا وأكد برنامج الأغذية العالمي في إحدى التقارير التي أصدرها مؤخرًا، تأثُر 5 ملايين شخص في 19 دولة غرب ووسط إفريقيا بالسيول والفيضانات التي أودت بحياة المئات، وشرّدت عشرات الآلاف من منازلهم، ودمرت أكثر من مليون هكتار من الأراضي الزراعية. على جانب آخر فقد تزايد سوء التغذية بسبب الجفاف وفشل أربعة مواسم مطيرة متتالية في بعض البلدان الأخرى.
بالنسبة للعديد من البلدان في إفريقيا، ستكون ندرة المياه أو الفيضانات هما الظاهرتان الأساسيتان اللتان يمكن من خلالهما الشعور بآثار تغيّر المناخ، حيث يمكن أن تؤثر ندرة المياه المرتبطة بأحداث الفيضانات وفترات الجفاف الممتدة، على الإنتاج الزراعي والإنتاجية والصحة بشكل مباشر.
كل هذه الظروف الاقتصادية والبيئية – وغيرها من العوامل مثل عواقب جائحة فيروس كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية – ستزيد من حاجة إفريقيا إلى ابتكارات تكنولوجيا المناخ والغذاء التي باتت الشغل الشاغل للعديد من الشركات الناشئة، ولكي نفهم حاجة إفريقيا إلى تكنولوجيا المناخ والغذاء، من المهم أن نعرف ما تعنى به هذه التكنولوجيات، ودور الشركات الناشئة في خلقها وتحويلها إلى واقع يساهم في التصدي لحل تلك الأزمات.
فوائد تكنولوجيا المناخ والغذاء
تهتم تكنولوجيا المناخ بالتقنيات التي تركز إما على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو التكيّف مع آثار تغيّر المناخ وتعزيز فهمنا للمناخ من خلال البيانات والمعلومات. فيما تُعنى تكنولوجيا الغذاء بتطبيق علم الأغذية وتوفير الطعام بدءًا من رحلته في المزرعة وحتى المائدة، وبات عدد الشركات الناشئة التي تهتم بتكنولوجيات إيجاد الحلول الاقتصادية والبيئية المستدامة يتزايد، وأصبح توجه لكافة الاستثمارات التي تنتهجها إفريقيا للتصدي للتحديات المُحدقة بها.
تمكنت مصر كدولة إفريقية، وبصفتها كمنظم لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي (COP27) الذي عقد في شرم الشيخ مؤخرًا، من أن تبرز جهودها في مجال تكنولوجيا المناخ والغذاء المدعومة بالنظام البيئي ومسرعات وحاضنات الأعمال، عبر مساعدتها للشركات الناشئة ورواد الأعمال الشباب وإطلاق مبادرات تكنولوجية وريادية قائمة على الابتكار لخدمة القارة السمراء، حيث ركزت القمة الدولية على الانتقال من مرحلة التعهدات إلى التنفيذ ووفاء كافة الدول المتقدّمة بتعهداتها في دعم البلدان الإفريقية المتضررة من الظواهر المناخية.
لقد أطلقت الحكومة المصرية، بالشراكة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وبرنامج الأغذية العالمي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، مسابقة (Clima tech Run 2022) العالمية الأولى من نوعها، والتي هدفت إلى دعم رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا والاستدامة وقدمت أعمالهم المبتكرة في (COP27)، ومن بين هذه الشركات المتنافسة شركة (LiquidGold) إفريقيا التي يقول مؤسسها (أوريون هيرمان) إنها وجدت حل لمشكلة الافتقار للمرافق الصحية وتحويل الفضلات البشرية إلى سماد عالي القيمة طبقًا لتقرير مصور نشرته شبكة سي إن إن مع مؤسس (LiquidGold).
تطبيقات الشركات الناشئة
أتت مشاركة (أوريون هيرمان) الرئيس التنفيذي ومؤسس (LiquidGold) إفريقيا في (COP27) للترويج للشركة المتخصصة في جعل الصرف الصحي بلا ماء، والحصول على فرصة للفوز بـ 100 ألف دولار خلال مهمته في مكافحة تغيّر المناخ؛ في هذا الصدد قال (هيرمان) خلال التقرير المصور: “نحن نحوّل النفايات البشرية إلى سماد عالي القيمة لتخصيب المساحات الزراعية. الآن نحن جزء من الحل لإصلاح تغيّر المناخ، فشركتنا عالية التأثير وتركز على توفير الصرف الصحي الآمن واستعادة العناصر الغذائية القيّمة من الفضلات البشرية، وتتمثل كيفية العمل في قدرتنا على نشر الصرف الصحي الآمن في المدارس، بشكل يمنحنا القدرة على تحويل البول من مصدره إلى سماد مفيد يباع بعد ذلك في الأسواق الناشئة. أخيرًا حان وقت العمل وأن نكون جزءًا من النظام البيئي كرواد أعمال”.
حضر ابتكار (LiquidGold) إفريقيا ضمن 15 ابتكار لشركات أخرى تم ترشيحها في المرحلة النهائية للمنافسة في (Clima tech)، وهو ما عقب عليه (برنارد كواتش) أحد الحكام ورئيس برنامج تسريع الابتكار في برنامج الغذاء العالمي خلال المقابلة المصورة قائلا: “نُظمت مسابقة (Clima tech) لإيجاد حلول مبتكرة جديدة يمكن أن تساعدنا في أخذ خطوة نحو التغيير لمواجهة التحدي المناخي. أعتقد أن هذا هو المكان الذي يمكننا فيه حقًا إيجاد المزيد من الحلول للمضي قدمًا، حيث تركز المسابقة على إيجاد حلول حقيقية يمكن أن تساعد في التخفيف من آثار تغيّر المناخ، ويمكن للشركات الناشئة أن تأتي بالأفكار الجديدة. في بعض الأحيان يتطلب الأمر أفكار إبداعية وطاقة وشغف لتحقيق الأمور”.
تعمل شركات (LiquidGold) الناشئة على حل مشاكل الناس للتوسع وجذب المزيد من المستثمرين والشركاء، ورغم عدم حصولها على الجائزة الكبرى، إلا أنها احتلت المركز الثاني، وكانت إحدى الشركات الخمس الفائزة بمبلغ 25 ألف دولار لكلٍ منها.
تعد شركة (Wai Technologies) المصرية الناشئة المتخصصة في سد ثقوب شبكة المياه مثال آخر لحلول الذكاء الاصطناعي القائمة على تحليلات البيانات لتحديد مشكلات عناصر الغذاء والمناخ مثل تسرب المياه.
(Shamsina) مثال ثالث على شركة ناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ في مصر تقوم بتصميم وتصنيع تقنيات الطاقة الشمسية بأسعار معقولة للمجتمعات التي تعاني من فقر الطاقة، حيث تقوم الشركة بتعزيز المعرفة المحلية لهذه التقنيات وتحرير المستخدمين من الفواتير الشهرية.
وطبقًا لتقارير نشرتها منصة (Magnitt) فقد شهد قطاع الشركات الناشئة في مصر زيادة خلال السنوات الماضية، حيث بلغ حجم تمويل الاستثمار الجريء إلى 491 مليون دولار أمريكي خلال عام 2021، في حين جمعت الشركات الناشئة في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 مبلغ 392 مليون دولار عبر 120 صفقة. وتجدر الإشارة إلى أن كثير من تلك الشركات لا تركز على السوق المصري فقط، وإنما تضع في عين الاعتبار توسعاتها في منطقة العربية الخليجية والبلدان الأفريقية.
خلاصة القول إن ضمان مستقبل هذه الشركات الناشئة ومدى توسعها ودعمها يضمن لنا آفاق جديدة في مجال تكنولوجيا المناخ والغذاء وتطوير مساعينا في إيجاد حلول مستدامة لمصادر الطاقة المتجددة والصناعة النظيفة وحماية المحاصيل وإعادة تدوير المياه والغذاء والحفاظ على الطبيعة ليس في إفريقيا وإنما في كافة أرجاء العالم أيضًا.
Follow us on Instagram, LinkedIn, and Twitter for startup & business news and inspiring stories of MENA businesses, entrepreneurs, startups, innovators, investors, and change-makers.
To report any issue or error in the story, please email us editor [at] rasmal [dot] com.