مرت ممارسات وأدوات التعلّم بثورة كبيرة مؤخرًا جراء جائحة كوفيد-19 وتبعاتها، مما جلب فرص مثالية واعدة لرقمنة أغلب قطاعات صناعة التعليم، فقد كان التعليم أو التعلّم عبر الإنترنت مفهومًا غير منتشرًا، ولم يتم تعميمه حتى قبل بضع سنوات، وغلبت على ممارساته المحادثات والدردشة دون أن يتم تبنيه أو تجربته بالكامل كأداة تعليمية.
هذا ولم يتخطى الإنفاق على قطاع تكنولوجيا التعليم – في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – حتى عام 2018 حاجز الـ 10 ملايين دولار . وفي هذه الآونة تمكنت منصة (لمسة) الإماراتية من جمع ما يقرب من مليوني دولار خلال جولتها التمويلية الأولى.
منذ ذلك الحين، نما التمويل في قطاع تكنولوجيا التعليم بين عامي 2018 و2021، بشكل مطرد بمعدل سنوي مركب قدّر بـ 54٪، ونظرًا لإدراك المستثمرين لإمكانات مشهد القطاع الواعدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، توجه رأس المال الاستثماري إلى مشاريع توطّن تجربة التعلّم، مثل منصة (كامكاليما) اللبنانية للتعليم اللغة العربية.
لقد أدى الوباء إلى زيادة نمو قطاع تكنولوجيا التعليم، ففي عام 2021 تجاوز الاستثمار حاجز الـ 50 مليون دولار مسجلًا زيادة سنوية بنسبة 103٪ مقارنة بالعام الذي سبقه.
ساهمت عوامل عدة في تعزيز تنامي تكنولوجيات التعليم، تمثلت في زيادة عدد الصفقات التي تم إبرامها خلال السنوات الأخيرة؛ ففي عام 2017 تم توقيع 14 صفقة بقيمة 4 ملايين دولار ، وتزايد هذا الرقم ليصل إلى 28 مليون دولار عبر 35 صفقة جذبت اهتمام المستثمرين في المرحلة المبكرة من نمو قطاع تكنولوجيا التعليم.
من الأدلة الأخرى على نضوج قطاع تكنولوجيا التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن (كلاسيرا) شركة تكنولوجيا التعليم الناشئة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها، باتت تركز على الاستثمار في المنطقة، وقد أغلقت مؤخرا جولة تمويل بقيمة 40 مليون دولار.
لقد كان لجذب المستثمرين دورًا رئيسيًا في صعود القطاع، خاصة مع ظهور كيانات استثمارية مثل(500 Global) و(EdVentures) و(Flat6Labs) و(Oasis500)، واللاتي حصدت قدرًا كبيرًا من الاستثمارات، فقد تم إطلاق (EdVentures) خصيصًا على سبيل المثال للاستثمار في شركات تكنولوجيا التعليم الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
اقرأ أيضًا: الشركات الـ 10 الناشئة الأكثر تمويلًا في مجال تكنولوجيا التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
هذا ولعبت الأسواق الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا دورًا مهمًا في الدفع بقطاع تكنولوجيا التعليم، إلا أن الأسواق الأصغر شهدت نموًا مؤثرًا وفاعلًا في مشاريع تكنولوجيا التعليم، حيث استحوذت البحرين خلال هذا العام على 8٪ من الصفقات، بينما ذهب 23٪ من التمويل إلى الأردن التي حازت على نصيب الأسد من إجمالي استثمارات عام 2021 بنسبة 56٪. وفي حين جمعت شركة (أبواب) الأردنية أكبر تمويل حتى الآن لهذه الصناعة، فقد ذهبت أموال كبيرة إلى الشركات الناشئة مثل (أكاديمية نون) في السعودية و(لمسة) الإماراتية و(GoMyCode) التونسية.
مع عودة العالم تدريجيًا إلى إيقاع الحياة الطبيعي، طُرح تساؤل عما إذا كانت ستظل الحاجة قائمة للتعلّم عبر الإنترنت؟ وفي مقارنة سنوية بين عامي 2021 و2022، نرى أن التمويل في القطاع قد تجاوز أرقام العام الماضي في نفس الفترة، مما يعزز فكرة أن التعلم عبر الإنترنت يعكس آفاق مستقبلية واعدة لمساحات التعلّم الرقمي الذكي.